عدد المشاهدات

السبت، 2 يونيو 2007

بين المفتي والطبيب

بسم الله الرحمن الرحيم
عندما تنتابك أعراض غير مرغوبة في صحتك تؤدي إلى عدم قيامك بوظيفتك الحيوية الطبيعية بشكل طبيعي ،أو عندما تنتاب هذه الأعراض المرضية شخصا عزيزا عليك لا يستغرب منك أبدا أن تبادر إلى زيارة الطبيب الذي يسخر جزءا عظيما من جهده ووقته للقيام باللازم تجاهك أو تجاه من تحب .
عندها يجدر بك ويتحتم عليك أن تكون دقيقا في وصف الأعراض التي تنتاب المريض مع عرض وافي لتاريخ هذه الحالة المرضية إن وجد وربما استدعاك الخطب أن ترفق معك شيئا من نتائج الفحوصات المختبرية طمعا ورغبة في الوصول إلى علاج فعال بعد شرح دقيق .
وعندما تكون الحالة المرضية متعلقة بمرض مزمن كالسكري أو قاتل كالسرطان فإن الحرص يزداد حرصا وعندما يخشى من المضاعفات أو الأعراض الجانبية السيئة كذلك .
الطبيب في النهاية بشر يخطئ ويصيب يجتهد ( هذا ما يفترض منه ) من أجل إيجاد حل مناسب بالدرجة الممكنة ولعله يخير مريضه بين علاجين أو أكثر نظرا لتوفر الفرص المتاحة وغالبا ما نجد أكثر من طبيب خبير ومشهور في مجال من مجالات الطب المختلفة فالتنوع والإختلاف سنة من سنن الحياة في كل المجالات .
أنت كمريض تمتلك عقلا يجب عليك أن تستغله جيدا وتنتفع من قدراته فعليك ( كما ينصح بذلك الأطباء الماهرون ) أن تسأل طبيبك المعالج عن سبب أي علاج لماذا العلاج بهذه الوسيلة وماذا سيحدث إن لم أعالج بتلك الوسيلة وما هي الأعراض الجانبية وما هي المضاعفات وغير ذلك حتى تقدم على علاجك وأنت مطمئن أنك اخترت أنسب القرارات .
ربما لم يقنعك الطبيب ( س ) و ( ص ) و ( ع ) أيضا وتقتنع لاحقا بالطبيب ( أ ) لأنك تراه صاحب أكثر الحلول عقلانية حينها تتوكل على الله عز وجل وتسم أمرك أولا لله ثم هذا الطبيب وتتوقف عن الإستفسارات وتخضع جميع إمكانياتك له والله هو الشافي وإذا وثقت فيه وخضعت له لا ينبغي منك أن تتوقف عن برنامج العلاج المقترح حتى يستقر في عقلك أنه لم ينجح ولن ينجح فيما يصبو إليه حينها تبدأ رحلتك المنصرمة من جديد والله هو الشافي والطبيب هو سبب لا أقل ولا أكثر .

المفتي هو الشخص المتخصص بإفتاء السائلين فيما يتعلق بدينهم وعباداتهم ومعاملاتهم ويقال أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار لا ريب أن دوره أخطر وأهم من دور الطبيب لأن الفتوى عامة والوصفة الطبية خاصة في الغالب وليس دائما يأتي إليه السائل وهو لا يعلم ما هو الرأي أو التصرف أو الحل المناسب في مسألة من المسائل فيوجه له السؤال ويلتمس منه الإجابة ويتصرف بموجبها .
ما يحصل الآن غالبا مع شديد الأسف أن المرأ منا يدقق ويمحص مع طبيبه جيدا قبل خضوعه للعلاج المرغوب نظرا لأهمية الأمر بينما نراه يعمل بأي فتوى وربما هذه الفتوى لم تصدر ممن يكون مؤهلا للفتيا من الأساس وربما غلب هواه لينتقي من الفتاوى ما تماشى معه .
ولا يكترث للأمر كثيرا فتوى من المفتي وانتهى الأمر و حطها بعالم واطلع سالم والدين يسر ما هو بعسر ولا تسألو عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ومع السلامة .
السؤال الذي يتصدر الموضوع هنا هو لماذا نراك يا من تدقق مع الاطباء متراخيا مع المفتي وليس المفتين ؟
هل تعتقد أن خطورة وصفة العلاج الخاطئة أفدح من خطورة الفتوى القاتلة ؟
ألا تعلم أنك بعدم حرصك وتتبعك للحق وأهله تضع نفسك في موقف لا تحسد عليه أمام من خلقك من قبل ولم تك شيئا ؟
هل هان عليك دين الله الخالد ولم تهن عليك حياتك الفانية لا محالة ؟
لو كان الطبيب المعالج في مكان نائي ولا طبيب غيره وكنت مخيرا بين علاجه أو الهلاك لعذرناك باتباعك إياه مضطرا وما لمناك كذلك بالنسبة لحال الفتوى فربما كنت في مكان لا يسمح لك بمعرفة أكثر من رأي فنعذرك إن أخذت برأي عالم معتبر مؤقتا لحين إحاطتك بالموضوع .كما عذرناك مع الطبيب لا مع معالج دجال يحتال عليك أو متفيقه يتصدر للفتيا بغير علم
نعذرك كما نعذر من اضطر غير باغ ولا عاد لشرب خمر أو أكل ميتة غير راغب بذلك ولكن الحاجة اضطرته ولا متعد للحد الذي يسمح له بالنجاة
أما حال إمعات ومقلدة هذا الزمان مع شديد الأسف فهو حال من يأكل الميتة والدم ولحم الخنزير وهو باغ عاد ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
فنقول لهم اتقوا الله ولا تؤلهوا العلماء ولا تزدروهم ولا تبسطوا من دين الله وخذوا الفتوى من أهلها بعد تدقيق وتمحيص كما تأخذون الوصفات من الأطباء الذين يحاولون علاجكم أفضل العلاج .
شفى الله مرضى المسلمين وبارك في أطباء المسلمين ووفق أمتنا المفتين والمستفتين والحمد لله رب العالمين
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
خاطرة من الشاليه أمام ساحل الخليج

ليست هناك تعليقات: